وزير الخارجية في مقال رأي: مصر خسرت 8 مليارات دولار من عائدات قناة السويس منذ بداية حرب إسرائيل على غزة

في مقال رأى للدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة في كبرى الدوريات الفنية المتخصصة في مجال النقل البحري “lloydslist”، استعرض وزير الخارجية انعكاسات خفض التصعيد في منطقة البحر الأحمر على الملاحة البحرية والتجارة الدولية وسلاسل الإمداد والمساهمة في تعافي الاقتصاد الدولي، مشيرًا إلى أن استئناف حركة الملاحة بشكل منتظم بالبحر الأحمر وقناة السويس يخدم الاقتصاد العالمي، لا سيما بعد سلسلة من التحديات الجيو-سياسية التي أثرت على حركة الملاحة واستقرارها خلال الفترة الأخيرة، بما تسبب في تحمل مصر لكلفة اقتصادية كبيرة.
وأكد الوزير في المقال الذي نُشر في قائمة لويدز، التزام مصر بمواصلة الجهود الحثيثة لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وضرورة معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات الإقليمية، لصون الاستقرار بالبحر الأحمر بشكل مستدام، مؤكدا أن مصر ستواصل دعمها لجهود التهدئة في غزة والتوصل لوقف إطلاق النار دائم والعمل على توفير افق سياسي يسهم في تحقيق السلام والأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في اليمن مع الولايات المتحدة، والذي تم التوصل إليه برعاية سلطنة عمان، يشكل تطورًا بناءً للسلام والاستقرار الإقليميين.
وإلى نص المقال:
كان للتصعيد الإقليمي منذ عام 2023 تداعياته على حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبالتالي على المرور اليومي للسفن عبر قناة السويس، وكانت مصر الأكثر تضررًا، حيث خسرت ما يقارب 800 مليون دولار من عائدات قناة السويس شهريًا، بإجمالي مبلغ 8 مليارات دولار منذ بداية حرب إسرائيل على غزة، وأكدت الأحداث التي وقعت في البحر الأحمر ضرورة ضمان الأمن البحري لضمان تدفق سلاسل التوريد العالمية، وإذا كانت هذه الأحداث قد كشفت عن أي شيء، فإنها أكدت على أهمية الملاحة البحرية كركيزة أساسية للأمن الإقليمي.
يُمثل اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في اليمن مع الولايات المتحدة، والذي تم التوصل إليه برعاية عُمان، تطورًا بنّاءً للسلام والاستقرار الإقليميين، فهو يُقدم خطوة واعدة نحو خفض التصعيد، ويُسهم في الوقت نفسه في تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في تأمين الممرات البحرية الحيوية، ومن المتوقع أن يُخفف الاتفاق من حدة التوترات على طول أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم، مُطمئنًا الجهات المعنية بالشحن العالمي، ومُدعمًا التدفق المُستمر للتجارة الدولية عبر البحر الأحمر وقناة السويس، لا يُعزز هذا التقدم قضية السلام فحسب، بل يُعزز أيضًا الثقة الدولية في أمن سلاسل التوريد العالمية ومرونتها.
لقد تغيرت الديناميكيات، وستُحقق استعادة الثقة البحرية والملاحة الآمنة للسفن فوائد اقتصادية كبيرة، بما في ذلك خفض أقساط التأمين، واستقرار تكاليف الشحن، وضمان وصول البضائع إلى وجهاتها دون تأخير مُفاجئ، وعلى مر تاريخها، مثّلت قناة السويس شريان حياة للتجارة الدولية، حاملة على عاتقها عبء التجارة العالمية، يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، ويربط القارات، ويُختصر طرق الشحن بما يصل إلى 8900 كيلومتر، ويُقرّب الأسواق البعيدة، تُقلل هذه الكفاءة التكاليف، وتُقلل الانبعاثات، وتُعزز الترابط الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
وبفضل الاتفاق الأخير، أصبح بإمكان السفن الإبحار بثقة أكبر، مما يسمح بنقل البضائع بسلاسة وسرعة وفعالية من حيث التكلفة بين إفريقيا وأوروبا وآسيا وغيرها، يُذكرنا هذا الاتفاق بأن التسوية السلمية للنزاعات، حتى بخطوات صغيرة، تعود بالنفع على الملايين، وتعزز شبكة التجارة الدقيقة التي تربط اقتصادنا العالمي.. إنها فرصة للاقتصاد العالمي والأسواق للانتعاش، خاصة بعد سنوات مؤلمة ناجمة عن الجائحة، والأزمة الأوكرانية، والصراع المستمر في غزة.. يتوق الاقتصاد العالمي إلى أخبار سارة، وحرية الملاحة في هذا الطريق البحري الحيوي تطورٌ مُرحب به.
في غضون ذلك، يجب علينا في الوقت نفسه معالجة السبب الجذري للتصعيد الإقليمي من أجل الحفاظ على حالة الاستقرار الراهنة في البحر الأحمر، لذا ستواصل مصر بذل قصارى جهدها لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإيجاد أفق سياسي يعزز السلام والأمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مع تعزيز دور البحر الأحمر كشريان حيوي للملاحة والتجارة العالمية.